في مركز استقبال اللاجئين في مدينة ايندهوفن في هولندا، أقام شاب إيراني حفلاً لأصدقائه ومعارفه بعد أن منحته دائرة الهجرة الهولندية الإقامة الدائمة في هولندا. وكاميران كان قد فر من إيران لأنه شاذ جنسيًا حسبما أدلى، وربما كان سيحكم عليه بالموت جراء ذلك في بلده، فكان عليه أن يفر بجلده لإنقاذ نفسه وممارسة شذوذه بحرية في هولندا على حد قوله.
وكاميران الذي يتقلد حلقتين ذهبيتين في أذنيه، ويضع المكياج على وجهه، يرى انه ضحية المجتمع المحافظ الذي جعله يترك أهله ووطنه لكنه يرى أن حصوله على اللجوء لن يكون سارًا لأهله، لأنهم يعدون الشاذ جنسيًا كافرًا ويستحق الموت، وفي رأيه فإن فرصة رؤية أهله مرة أخرى أصبحت اليوم احتمالاً بعيدًا جدًا…
قصص حقيقية أم…
وغير كاميران، هناك الكثير من الشباب العربي والمسلم الذي ينوي الإقامة في هولندا ودول أوروبية أخرى، عن طريق اختلاق قصص مفتعلة في كثير من الأحيان بغية الحصول على اللجوء. ويروي عبد القادر بن مكوي وهو شاب في الخامسة والعشرين أن اقصر طرق الحصول على اللجوء اليوم تتمثل في ادعاء الشذوذ والاضطهاد الجنسي أو تغيير الديانة من الإسلام إلى المسيحية.
وحصل أعداد من الشباب المغربي والعراقي والجزائري على اللجوء لأنهم ادعوا أنهم مضطهدون في بلادهم لتحولهم عن الإسلام إلى المسيحية، معتمدين على قانون إسلامي معروف هو أن عقاب المرتد القتل. ومما يساعد على اختلاق تلك القصص أن دوائر الهجرة لا تطالبك بوثائق دالة على الشذوذ أو تغيير المعتقد ولهذا يسعى المهاجر بعد وصوله إلى الاستعانة بخبراء (قصص اللجوء ) لدبلجة قضية حقيقية لا يدخل إليها الشك من قريب أو بعيد، وغالبًا ما تكتمل القصة خلال يومين بعد دراسة نقاط الضعف فيها. وينطبق على حكايات اللجوء المثل العراقي (كذب مبرمج أفضل من صدق غير منظم).
الشذوذ وتبديل المعتقد
وبينما كانت قصص العراقيين تدور حول اضطهاد صدام في الماضي تحولت اليوم إلى هروب من القتل والميليشيات، وغالبًا ما يناور اللاجئ في الإدلاء بمكان إقامته الحقيقي في بلده فيختار المكان الذي يدور فيه الصراع لحظة تقديمه اللجوء. وحين كان التهجير على أشده في منطقة الدورة في بغداد، أدلى اغلب اللاجئين بأن إقامتهم في الدورة، وهكذا.
وفي اللحظة التي كتبنا فيها التقرير اختار خمسة لاجئين الموصل ساحة لأحداث حكاياتهم مع القتل والموت حيث الوضع الأمني يضطرب في تلك المدينة. على أن العراقيين أقل اللاجئين إدلاء بقصص الشذوذ وتبديل المعتقد، ويتصدر القائمة في هذا النوع من اللجوء المغاربة والجزائريون والمصريون والإيرانيون.
ويفسر الكثير من المغاربة ذكورًا وإناثا من الشاذين أو الذين يدعون الشذوذ على أن المشرع المغربي يحرم الشذوذ في باب انتهاك الآداب و يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 200 إلى 1000درهم مغربي من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”. ويقول محمد بن ساهم وهو لوطي مغربي أن الكثير من السحاقيات واللوطيينيضطهدون من قبل الحكومة والمجتمع وان بعضهم يتمنى الدخول للسجن لممارسة نزواته.
وتقترب فكرة منح اللجوء للواطيين وسحاقيات كثيرًا من الهدف من مشاركة شواذ مغاربة في مهرجانات ونشاطات تنظمها وفود إسبانية وبريطانية وفرنسية لمتابعة تطور حركة الشواذ والسحاقيات بالمغرب في عدة مدن مغربية كالدار البيضاء ومراكش والصويرة واغادير، متسترين بالعمل تحت لواء جمعيات ومجموعات ثقافية وفنية وحقوقية.
هولندا.. المكان المثالي
وهناك سعي حثيث للوطيين عرب يقيمون في هولندا والسويد وفرنسا لمطالبة الدول الأوربية للضغط على الحكومات العربية لإجبار تلك الدول على الاعتراف بحقوقهم لا سيما أن منظمة الصحة العالمية شطبت الشذوذ الجنسي كمرض وعدته عملاً لا ضير فيه.
وتمثل هولندا للوطيين عرب وسحاقيات مكانًا مثاليًا، لا سيما أن هولندا لها باع طويل في مجال الحرية الجنسية، بعد أن أعلن شاذون هولنديون عن إنشاء حزب سياسي يطالب بتخفيض سن العلاقات الجنسية مع الأطفال من 16 سنة إلى 12 سنة، وبتقنين البورنوغرافيا الطفولية والزوفيليا (عروض جنسية) .
التحول عن الإسلام
لكن نازي رضا يرى في تحوله من الإسلام إلى المسيحية سببا يستدعي منحه اللجوء، ورضا هذا شاب إيراني في الخامسة والعشرين يروي انه غير معتقده عندما كان في اليونان وهي إحدى محطات الهجرة السرية للكثير من النازحين. ويضطر بعض اللاجئين إلى اعتناق المسيحية وسيلة للحصول على أوراق الإقامة الدائمة. والجدير بالذكر أن كندا وجهت دعوة رسمية لشباب مسلمين شاذين جنسيًا لزيارتها للاطلاع على انجازاتها في مجال حقوق الشاذين والمثليين. كما أيدت مؤسسات كندية رغبتها في مساعدة المثليين المسلمين على الزواج وتقديم التسهيلات اللازمة لزواجهم وكذلك الأمر للسحاقيات.
الغاية تبرر الوسيلة
لكن سليم طه وهو موظف عراقي في شؤون اللاجئين في هولندا لا يرى حقائق وبراهين على ما يقوله هؤلاء الشواذ، وربما اختلق بعضهم قصصا من وحي خياله لغرض حصوله على حقاللجوء. ويضيف سليم اعرف أشخاصا فعلوا ذلك ونجحوا في الوصول إلى هدفهم، منطلقين منشعار وصولي في أن (الغاية تبرر الوسيلة).
ولا شك في أن قضايا الشذوذ الجنسي والتحول عن المعتقد استغلا أبشع استغلال من الطرفين، والطرف الأول اللاجئ الذي يحاول تبرير حقه في اللجوء بتصنيف نفسه (مخيرًا أو مضطرًا ) متحولاً عن دينه أو شاذًا، على اعتبار أن هذا التصنيف يضمن له حق اللجوء.
ولي عهد النرويج يستقبل شاذا عراقيا
ومنح أوروبا للمتحولين عن الإسلام أو الشاذين ليس بجديد، فقد منحت ايطاليا الأفغاني (عبد الرحمن عبد المنان) اللجوء، وعبد الرحمن كان يعمل في إحدى المؤسسات الإغاثية التنصيرية في مدينة بيشاور بباكستان عام 1990، وبعد تنصره طلبت زوجته الفراق منه، واحتدم الخلاف بينهما حينما طالب بضم بناته إليه ليكُنَّ معه في دينه.
واستقبل ولي عهد النرويج وزوجته الأميرة (ميتا ماريت) الناشط العراقي في قضايا الشذوذ الجنسي كلثم حظي في الحفل الذي يقيمه ولي العهد سنويًا لكبار الشاذين في العالم. وارتدى كلثم خلال الحفل الذي العربي (الغترة والعقال ) ودشداشة فوقها بشت أسود من النوع الفاخر، وكان كلثم يتحدث باعتباره ناشطًا مسلمًا في قضايا الشذوذ الجنسي.
وكان كلثم الذي قالت عنه صحف ومواقع الكترونية انه شاذ جنسيا قدم إلى النرويج في مطلع تسعينات القرن الماضي، حيث كان يقيم قبل ذلك في مخيم رفحًا للاجئين العراقيين قبل أن يلجأ إلى النرويج.
وكانت صحيفة “جلوبال أند ميل” الكندية كشفت عن أن محمد العطار الكندي الجنسية والمصري الأصل اعترف عن أن تحوله إلى المسيحية وشذوذه الجنسي كانتا أهم مبرراته التي قدمها لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين للحصول على حق اللجوء السياسي بكندا، بزعم أنه يخشى أن يتعرض للقتل في مصر بسبب تحوله عن الإسلام وشذوذه الجنسي.
سني أم شيعي
لكن ما يثير الانتباه أن التحول من مذهب إلى آخر صار اليوم بضاعة رابحة في أوساط طالبي اللجوء العراقيين، ويقول (س. محمد ) الذي يعيش في قرية جنوبية بهولندا أن تحوله من المذهب الجعفري ( الشيعي ) إلى السني عرض حياته للقتل في العراق، وكان لا بد له من طلب اللجوء في هولندا. وسالت إيلاف محمد عن إمكانية أن تكون قصته ربما وسيلة للحصول على الإقامة، لكن محمد أصر على أن موقفه نابع عن إيمان، غير أن تقصي إيلاف لتفاصيل الكواليس الخلفية للقصة يؤكد أن محمد تعرف على فتاة أردنية منقبة وأنها اشترطت عليه اعتناق مذهبها قبل الزواج.
المصدر: إيلاف