تنفرد بيروت بتنوع تركيبها السكاني المميّز .. فالعائلات البيروتية أغلبها ذات أصول عربية وإسلامية جاءوا من أقطارٍ متعددة .. من بلاد الشام وتركيا وجزيرة العرب ومصر والمغرب العربي وحملوا معهم عادات وتقاليد حواضرهم ثم انصهروا في مجتمع بيروتي متجانس في عاداته وتقاليده ولهجاته .
وتبرز مميزات البيارتة المسلمين وتمسكهم بعقيدتهم من خلال تعدد المساجد والجوامع والزوايا ومراكز الطرق الصوفية وإقامة حلقات الذكر ودراسة الفقه والحديث وحفظ القرءان الكريم والتي برز فيها المشايخ والعلماء والمحدّثون والمقرئون والمفتون.
أما بيروت في شهر رمضان الكريم فتتزين شوارعها ومساجدها لهذه المناسبة العظيمة وكانت الدولة العثمانية قد خصصت مدافعجي خاص لإطلاق مدفع الإفطار ومدفع السحور.
ومن عادات البيارتة في أواخر شعبان الخروج للتنزه حيث يصطحبون معهم الأطفال وينتشرون على شواطىء بيروت في مناطق المنارة الروشة وفي مناطق المتنزهات كحرج بيروت ومنطقة الأوزاعي ويأخذون معهم بعض المآكل الخفيفة كالمجدرة والتبولة والهندباء والحلوى والفواكه وكانوا يسمونها ” استبانة رمضان أو سيُبان رمضان ” ثم حرّفت اللفظة إلى سيبانة رمضان.
وليلة الصيام يخرج ” المسحراتي ” يحمل طبلة صغيرة وخيزرانة ومعه ولده أو رفيقه يحمل لهُ السراج يمشي في الأزقة والحارات ينادي:
ياعباد الله وحدّوا الله .. يانائم وحّد الدائم
ثم يقرع على الأبواب .. يافلان قم للسحور .
أما في نهار الصوم فيقضي البيروتي نهاره في عمله كالمعتاد ثم بعد صلاة العصر يتوجه إلى السوق ليشتري حاجاته من اللحم والخضار والحلوى ( كالمشبك أو الكلاج أو القطايف والكنافة ) والعصير كالليموناضة أو السوس أو الجلاب أو التمر الهندي . وتزدان مائدة الإفطار بطبق الفتوش وقمر الدين والتمر وشوربا العدس والحمص والمتبل بالطحينة والحامض والمعجنات وسواها من المآكل الرمضانية .
ولم تكن محلات الحلويات منتشرة كأيامنا هذه فكانت ست البيت تقوم بإعداد حشو القطائف بالجبنة أو الجوز أو القشطة التي تُجلب من سوق القطايف في وسط بيروت ثم تخبز مساء بعد الإفطار أو عند السحور . وبعد آداء صلاتي المغرب والعشاء ثم التراويح تبدأ السهرات الرمضانية بحيث يغتنم البيارتة هذه الليالي لصلة الأرحام وسؤال خاطر كبار السن .
وتشهد المساجد احتفالات يومية في رمضان حيث يقرأون القرءان ويتحلّقون في حلقات لذكر الله والصلاة على النبي وتفسير الأحاديث النبوية وإنشاد المدائح النبوية التي ترقق القلب وتحثّ على أداء الطاعات واجتناب المحرمات . ويعتبر إحياء ليلة القدر من أهم احتفالات الشهر الكريم