فى طرابلس يدخل الناس في أجواء شهر مضان من بداية شهر شعبان … فتجد جميع العائلات تعد العدة لهذا الشهر الكريم بدأً بأعمال صيانة خفيفة للبيت وشراء لوازم شهر الصيام وخصوصا مواد تحضير الحلويات التي تعدها نساء العائلة لسهرات ما بعد التراويح. ومع اقتراب حلول شهر رمضان تبدأ الأسرة في شراء اللحوم بكميات كبيرة، خصوصا اللحم البلدي رغم غلاء أسعاره،كما تشتري ربات البيوت معدات أكل جديدة مع العلم أن المعدات موجودة قبل الشهر ولكنها عادة يتبعها معظم المجتمع الطرابلسي. ففي النصف الأخير من شهر شعبان والعشر الأوائل من شهر رمضان تزدحم الشوارع فالكل يرتاد الأسواق لكي يكمل نواقصه! وما أن تنتهى هذه الزحمة حتى تبدء (الزحمة الكبيرة) وهي زحمة ملابس العيد ففيها تقفل جل الشوارع أمام السيارات ويترجل رب العائلة مع زوجته وأولاده لكي ينهو مسيرة هذا الشهر بزرع البسمة على وجوه الأطفال.
عادات شهر رمضان عند الليبيين
الإفطار الأول
من الضروري أن تجتمع الأسرة بأصولها وفروعها في بيت الوالدين فهناك تأتي كل أسر الابناء الذكور المتزوجين لتناول أول إفطار في رمضان ومن ضروريات الإفطار أن يحتوى على صحن الشوربة التي تسمى في اللهجة الليبية “الشربة العربية” وهي تؤكل طوال أيام رمضان الكريم. وقبل أن يرتفع الأذان تجتمع الأسرة جالسة على الأرض وتقوم الأم بإعداد القهوة “التركية” ويحضر الحليب والتمر. يتناول الصائمون جميعا كبارا وصغارا الحليب والتمر ويختص الكبار باحتساء فنجان القهوة المنكهة بمذاق حبة الكزبرة اليابسة بدلا من الهيل وتنتهي جلسة “تحليل الصيام” بذهاب الرجال في الغالب إلى الصلاة في مسجد الحي.
وكما يهتم الليبيين في رمضان “عكس الأشهر الأخرى” بالنشاطات الثقافية التي تقام بكثافة في كل منطقة وحي حيث البرامج الثقافية للجان الثقافة والإعلام، والأمسيات الشعرية التي تقيمها رابطة الكتاب والأدباء وأنشطة الأحياء الجماهيرية وبيوت الثقافة وندوات أدبية في القصة والشعر والفن التشكيلي.
وتطوف الشوارع أحياناً حفلات الفرق والرقصات الشعبية وحفلات الفن الشعبي من خلال الرقصات وإقامة المعارض الشعبية التي تحوي التراث والأكلات الشعبية.
شهر العبادة
يلهم شهر رمضان الناس أهمية القرب من الله تعالى فيجتهدون في أنواع العبادة وخصوصا تلاوة القرآن ومشاركة المسلمين في صلاة التراويح في المساجد التي تزدحم بهم من الجنسين الرجال والنساء ومما تعارف عليه الناس في ليبيا قراءة العديد من الأدعية بعد كل ركعتين. وفي العشر الأواخر يبدأ الناس صلاة القيام أو التهجد بعد منتصف الليل وحتى وقت السحور وتكثر في المساجد الدروس الدينية.
موائد الافطار الجماعي
سهرات رمضان وأكل “السفنز”
بعد الانتهاء من صلاة التراويح يتوجه الناس إلى محلات بيع الحلويات فقط لشراء ما يعرف بالسفنز في ليبيا والسفنج في تونس والجزائر، وهي حلويات شعبية تعجن بالدقيق والزبدة والسمن قليل من الملح وتقلى بشكل دائري مغلق من الوسط في كثير من الزيت حتى تنضج بانتفاخ أطرافها وجفاف وسطها وتؤكل ساخنة مع العائلة وضيوف رمضان بعد أن تغمس في سكر غير مطحون أو في عسل أو دبس التمر المسمى في ليبيا “رب التمر”
و النظام المتبع في تناول الوجبات في الشهر الفضيل والذي يمتد من فترة الإفطار إلى وجبة السحور هي خمسة فترات كالآتي:
1. عند آذان المغرب تقدم سفرة التمر والحليب واللبن والماء والعصير.
2. ثم نقوم للصلاة، بعد صلاة المغرب تقدم سفرة الشوربة والمقبلات مثل البيتزا والسبوسك والمحشي (كوسا، فلفل، ملفوف) وغيرها من المقبلات والسلطة.
3. تأتي سفرة الشاي الأخضر مع الكيك.
4. بعد صلاة التراويح بساعتين يأتي موعد الفاكهة.
5. السحور قبل الفجر بساعة يختلف من بيت إلى بيت.
وداع رمضان واستقبال العيد
في العشر الأواخر تبدا الأسر التجول في الأسواق بعد صلاة التراويح حتى أوقات متأخرة من الليل لاختيار ملابس العيد وما تبقى من لوازم حلويات العيد كما تقوم بعض الأسر بطلاء داخل البيت استعدادا للعيد وتعلق الأضواء الملونة وغيرها من أشكال الزينة
حلويات العيد
تجتمع الجارات وأحيانا نساء الأسرة لصناعة حلويات العيد التي تحتوي في الغالب عدة أنواع أهمها:
1. المقروض ويصنع من السميد ويحشى بالتمر ويقلى أو يشوى ويغمس عند التقديم في “القطر”
2. الكعك ويصنع من الدقيق وهو أنواع
كعك “باسل” أي من غير ملح أو سكر وهو خاص للشاي والقهوة
كعك حلو ويقدم للضيوف مع العصير
كعك محشو بالتمر أو “الحلقوم”
3.
الغريبة وتلفظ هكذا “غْرِيِّبَة” وتصنع من الدقيق الأبيض والسمن البلدي وتشكل بهيئة دائرة مغلقة من الداخل
ليلة العيد
وفيها يلبس الأطفال ملابس وأحيانا ينامون بملابس العيد من شدة تعلقهم بها ويسهر الكبار حتى وقت صلاة العيد حيث تجهز النساء البيت والحلويات ويعاد ترتيب البيت لاستقبال الضيوف ووفود المهنئين