يقول المثل العالمي الشهير “الطريق إلى قلب الرجل يمر عبر معدته”. لم أكن أعتقد أنني سوف أخضع لهذا المثل وبقوة حين وقفت أمام جناح بيرو في سوق السفر العربي بدبي وأنا أرى صورة سمك يتمرغ في الليمون والكزبرة والفلفل الحار الأخضر، فكل هذا كان كافياً لجعلي أرغب بزيارة بيرو!
الفارو سيلفا سانتيستيبان، مدير PromPeru، وهو مكتب الترويج التجاري والسياحي للبيرو في دبي، يبدو عليه انه مروج ممتاز لبلده. وهو لم يقدم لي فقط السمك الحار المتبل، بل انه أبلغني أيضاً أن بلاده مصدر رئيسي للهليون والأفوكادو والعنب والمانجو، وأن بلاده تعتبر عاصمة الأطعمة في أمريكا اللاتينية وهي موطن للعديد من المطاعم الفاخرة.
القطن البيروفي الفاخر هو أيضاً مما تفخر بيرو بتصديره للعالم. كما تستورد دولة الامارات الآن من بيرو المنسوجات القطنية والذهب، ولذلك فإن أغلب الذين يسافرون إلى بيرو من منطقة الشرق الأوسط يسافرون لأغراض تجارية. لكن ألفارو سيلفا يريد تغيير ذلك.
تم إطلاق أول جهد للترويج السياحي الرسمي في بيرو في الشرق الأوسط من خلال مشاركة بيرو الأخيرة في معرض سوق السفر العربي في دبي. وفي جناح بيرو في المعرض نجد ألوان متعددة وشعاراً يتحدث عن الثقافة البيروفية الغنية.
بيرو هي البلد الذي لا يزال بعيد المنال لمعظم السياح من سكان منطقة الشرق الأوسط والسبب هو البعد الجغرافي الكبير جداً وبالإضافة للبعد الجغرافي فإن بيرو ليس لديها رحلات طيران مباشرة مع دول الشرق الأوسط. الفارو أكد أنه يحاول إقناع كل من الخطوط الجوية القطرية وطيران الإمارات للسفر إلى ليما عاصمة بيرو رغم أن السفر من دبي إلى ليما يستغرق أكثر من 24 ساعة. حوالي ستة آلاف خليجي زاروا بيرو في العام 2012 كلهم تقريباً من رجال الأعمال، لكن ألفارو يأمل أن العديد من رجال الأعمال هؤلاء سوف يزورون بيرو مرة أخرى بصحبة ذويهم في المستقبل لكي يتمتعوا بالتراث السياحي الغني لحضارة الإنكا في هذا البلد الغني بالتراث والتاريخ.
الوصول الى بيرو ليس أمراً سهلاً. على المسافر أن يصل إلى ساو باولو ثم عليه بعدها أن يسافر إلى ليما. أكثر من 24 ساعة هي مدة الرحلة من دبي إلى بيرو بسعر تذكرة يصل إلى 10 آلاف درهم إماراتي. تقع العاصمة ليما على ساحل المحيط الهادئ ويسكنها 9 ملايين وتحتضن العديد من المطاعم الحديثة ومراكز التسوق والمتاحف التي تعرض مجموعة غير عادية من الذهب والفضة والتحف والمنسوجات والسيراميك من بيرو القديمة.
بينما تمثل ليما الجانب الحديث في بيرو، فإن الإنكا وهي العاصمة القديمة، بالإضافة إلى مواقع مثل كوسكو، وماتشو بيتشو هم الأماكن التي تعبر عن تاريخ بيرو القديم وفي تلك المواقع الأثرية يمكننا أن نرى المدن الأثرية المدهشة التي سكنها الناس في عهد إمبراطورية الإنكا حين كانت في أوجها وتتميز تلك المساكن بجدرانها العملاقة، وبالمدرجات والسلالم المنحوتة في الجبال. وتعتبر ماتشو بيتشو واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهي موقع للتراث العالمي وفقاً للأمم المتحدة.
ومن المعالم الأثرية الشهيرة في بيرو والذي يعتبر أيضاً موقعاً للتراث العالمي للأمم المتحدة هو منطقة خطوط ناسكا وتقع جنوب بيرو على بعد 400 كيلو متر عن العاصمة ليما. وتمثل غابات الامازون المطيرة وجبال الانديز، ومسارات المشي لمسافات طويلة، والرحلات المنظمة إلى الأمازون والبحر والمرتفعات حيث الثلوج ومراكز التسوق خيارات لا تنتهي بالنسبة للسائح. فالجميع هنا يرفع شعار “بيرو للجميع.”
مهمة الفارو ليست مجرد تشجيع السياحة إلى بلده بيرو. إنه يتطلع أيضاً إلى مزيد من التبادل التجاري والاستثمارات في بلده. لقد ساعد نمو الاقتصاد البيروفي بنسبة 6٪ على جذب استثمارات من الشرق الأوسط. وقد استحوذت مجموعة أبراج في دولة الإمارات على حصة 40٪ في “كوندور للسفر” وهو أكبر مؤسسة للمرشدين السياحيين في بيرو. ويأمل ألفاروا في أن هذا سوف يساعد على زيادة عدد السائحين الوافدين إلى بيرو من دول مجلس التعاون الخليجي.
حصل الطهاة في بيرو على فرصة جيدة لمعرفة احتياجات الطهي الخاصة بالمسافرين القادمين من العالم العربي عندما استضافت بيرو في أكتوبر الماضي القمة الثالثة لرؤساء دول وحكومات أمريكا الجنوبية والدول العربية”أسبا”. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً جداً من المسلمين يعيشون في بيرو، إلا أنه ومع ذلك فهناك بعض المساجد في ليما ومتجراً للشوارما الحلال.
إذا كنت تسعى لحياة المغامرة وتريد أن تكون الأول بين أصدقائك لإضافة صورك على الفيس بوك وأنت في “ماتشو بيتشو” المنطقة التاريخية الشهيرة عالمياً، فإن كل ما عليك هو أن تتحمل مشقة الرحلة الطويلة لكي تجد بيرو قد فتحت لك ذراعيها لتعيش تجربة سياحية لا يمكن أن تعيشها في أي مكان آخر. وتذكر مقولتنا الشهيرة “بيرو للجميع”.