طالب وزير الداخلية الفرنسى كلود جيون قوات الأمن والشرطة باستخدام أسلوب الإقناع والابتعاد عن أسلوب الإجبار والقسر عند تطبيق قانون منع ارتداء النقاب فى الأماكن العامة فى البلاد، وذلك عند دخوله حيز التنفيذ اعتبارا من 11 أبريل الحالى.
يعيش في فرنسا ما لا يزيد على 2000 منقبة حسب أحدث الإحصائيات من اصل 8 ملايين مسلم يعيشون في هذا البلد الأوروبي المعتز بعلمانية دستوره حتى النخاع. يعطي القانون الجديد على حد وصف وزير الداخلية الفرنسي كلود جيون حقوقاً للمنقبة “المتهمة” فهو يحدد ان شرطية أمرأة فقط هي من له الحق في كشف وجه المنقبة “المذنبة” وأن هذه المنقبة “العدوة” للدولة الفرنسية يجب أن لا يزيد مدة احتجازها عن أربع ساعات وهي المدة التي سيتم خلالها مساومتها لنزع نقابها وإن رفضت فيتواصل الاحتجاز وإبلاغ النائب العام بمخالفة هذه المنقبة “الخطيرة” للقانون الفرنسي. صدر قانون عام 1905 الفرنسي ليؤصل لمبدأ شمولية الفكر العلماني في نسيج الدولة الفرنسية فحظر هذا القانون على رئيس الجمهورية ان يبدأ حديثه بعبارة “باسم الله”.
المنقبة “المخالفة لقوانين الجمهورية الفرنسية” كما سيسميها وزير داخلية فرنسا العلمانية سوف تغرم بـ 150 يورو وأما إذا ادعت المرأة أن زوجها أو اباها أو أخاها أو شخص آخر هو من يجبرها على ارتداء النقاب فإن هذا “الديكتاتور” سوف يعاقب بالسجن لمدة عام وسيغرم 30 ألف يورو. وقد يصدر كلود جيون لاحقاً قانوناً بشنقه أمام الباستيل ليجعله عبرة لمن لا يعتبر
كثيرون هم وأنا من بينهم من يرون في هذا القانون الغير قانوني نزعة لا تتعلق بعلمانية الدولة الفرنسية بل هي فصل جديد من فصول مضايقة المسلمين الذين يعيشون في فرنسا رغبةً في ترحيلهم ومن جهة أخرى فصلاً جديداً من فصول الهجوم على معتقدات المسلمين حول العالم. ماذا لو أن دولة إسلامية سياحية معروفة باحتضانها الدافىء للسياح واتاحة الفرصة لهم ليلبسوا أو لا يلبسوا ما يشاؤون قررت فجأة أن تفرض على السائحات الفرنسيات لبس الحجاب؟! ماذا لو قررت هذه الدولة فرض الحجاب على الموظفات الفرنسيات في الشركات الخاصة العاملة في هذا البلد؟!
تخطىء فرنسا حين تظن أن جميع المسلمين حول العالم قد أصبحوا مسلوبي الإرادة وتخطىء عندما تتجاهل أن العلاقات الدولية اليوم هي أكثر من اي وقت مضى علاقات مصالح ومنافع متبادلة وخاصة في ظل الأزمة المالية العالمية. إن العالم الإسلامي اليوم وبقيادة العالم العربي يمر بحالة من الاحتقان الشديد حيث أن كراسي كثير من الحكام العرب في الدول العربية التي لم توفر الحد الأدنى من العيش الكريم لشعوبها قد تطايرت ومنها من هو في طريقه إلى التطاير وفرنسا اليوم تتخذ القرار الخطأ في الوقت الخطأ إذ أن الحكومات حتى تلك التي لم تكن ترد على ممارسات كالممارسات الفرنسية هذه ستجد نفسها مضطرة اليوم لأن يكون لها ردود أفعال في غير صالح مصالح فرنسا الاقتصادية في المنطقة نظراً لما تتعرض له هذه الحكومات اليوم من ضغط شعبي غير مسبوق.
إذاً تفصلنا بضعة أيام عن تطبيق قانون حظر النقاب في فرنسا. لئن استطاعت فرنسا انتهاك الحرية الشخصية لمن يعيشون فيها باسم العلمانية وبتشريع قانون يقنن هذا الانتهاك ويضمن له غطاءاً قانونياً مزيفاً فإن الجمهورية الفرنسية ستدرك لاحقاً أنها بصدد خسارة الالآف من السياح العرب من دول الخليج العربي ممن لا يمكن لزوجاتهم أن يخلعن النقاب. سيتجه هؤلاء السياح إلى وجهات أوروبية أخرى لا تنتهك فيها حريتهم الشخصية. ومع تغيير كثير من الأنظمة العربية اليوم ماذا سيفعل ساركوزي ووزير داخليته إن هو استقبل يوماً ما حاكماً عربياً أو حاكماً لدولة إسلامية وقف يصافحه على ابواب قصر الإليزيه وزوجته المنقبة بجانبه؟ ترى هل سيقتاد كلود جيون وزير داخلية فرنسا زوجة الرئيس إلى مخفر الشرطة؟